”العمى عمى القلب مش العين”
الأكثر مشاهدة
"ظلمت نفسَك وشبابَك"
تصلني كلماتها ونصيحتها الفجة لزوجي وأنا أنزل من عربة المترو، تعودت تلك التعليقات المستخفة بي وبشخصي طوال حياتي فلم أهتم!. أصبحت كما يقال باردة تجاه تلك التعليقات، لكن داخلي تشتعل نار غضب وقرف من تلك السماجات ومن جهل المجتمع حولي الذي حول حياتي جحيم لكوني "كفيفة" منذ مولدي. كفيفة وليست الكلمة السخيفة الأخرى "عامية".
بادر زوجي بالرد والدخول في نقاش مع السيدة التي أساءت لي وله، ولم أتدخل في النقاش، فقط يمر أمامي مع عانيته خلال ال28 عامًا من عمري، فالناس حولي لديها "سخافات" حول كف النظر، ولدت كفيفة وسط عائلة مبصرة جميعها، والتي انتابها القلق مثل ما يصيب عائلات المكفوفين والكفيفات والذي سرعان ما تبدد بعد دخولي المدرسة، وهى مدرسة "النور والأمل" للكفيفات والتي لا تكتفي بتعليم الفتيات التعليم العادي بل تدربهن على العزف لينضممن ضمن الأوركسترا الخاصة بالمدرسة. ساعدتني المدرسة كثيرًا حتى تخرجت منها على الجامعة ولكني مستمرة في الأوركسترا إلى الآن. الموسيقي أصبحت منارة تهدينا لبر الأمان في حياة مصممة على إحباط الجميع.
"علينا أن نتدرب على النسيان لنستطع الحياة"
قبل زوجي عرفته "هو" وأحببته واستمرت علاقة حب بيننا لمدة سبع سنوات تلاها فترة خطوبة ثم فراق، لأن أمه رفضت له الزواج من فتاة "كفيفة" لأنه أيضًا كفيف وسنكون من وجهة نظرها عبء على الجميع، تقول: "مين هيقولك الغسيل نضف ولا لا!!". افترقنا وتحملت مرارة التجربة التي مررت بها غصبًا وفقط لكوني كفيفة. بتنهيدة تستكمل "منى" حديثها ل "احكي" : مجتمعنا أعمى القلب يظهر عماه في التجريحات التي يدخرها لنا ويفاجأنا بها كل حين، أو تظهر جلية حين أقارنها بما أجده وألقاه في سفرياتي مع الأوكسترا في الخارج. هناك حيث الجميع يشجع ويشحذ من همتنا ويقدر مجهودنا في حين لا يقدره أو يعلمه أحد هنا. زوجي كان نقيضه"هو" وأهل زوجي نقيض أهله. زوجي كان مبصر تعرفت عليه خلال أزمة مصر والجزائر فهو جزائريًا، وتحدثنا عبر الإنترنت وتوطدت العلاقة بيننا بعدما جاء للقاهرة للعيش بها، وتزوجنا هو يقدرني ويحترم وجودي، لا يرى كوني "كفيفة" يعفيني من حق الحياة، يساعدني في عمل البيت لكن أغلب العمل أقوم به لوحدي، فلست العاجزة التي يظنوها وهو يعلم ذلك ويشجعني عليه.
أصبحت حياتي الآن مقسمة بين مصر والجزائر ويملأها استمراري في الأوركسترا، لكن ما أتنماه الآن وأرغب فيه هو طفل أو طفلة بعد الإجهاض الذي وقع لي زاد تمسكي بتلك الرغبة، راضية بكل ما سيأتي لي وعلى ثقة بكرم الكريم.
الكاتب
نيرة حشمت
الخميس ٢١ أبريل ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا